مي الياس من بيروت: على مدرج " الأوديون ـ هيرود اتيكوس" القائم على سفح جبل يتربع على قمته معبد الأكروبوليس العريق في العاصمة اليونانية أثينا، وأمام أكثر من خمسة آلاف متفرج ضاقت بهم المدرجات - توافد عدد كبير منهم الى أثينا من بلدان أوروبية مجاورة- وقفت السيدة فيروز حيث وقف أعظم وأهم الفنانين في العالم يوم 7/7/ 2007 ، لتكون أول فنانة عربية تغني على هذا المسرح العريق، ضمن واحد من أقدم وأهم وأكبر المهرجانات الموسيقية في أوروبا.
ليلة إمتزجت فيها حضارة الإغريق بحضارة الفينيقيين، وشدت فيها جارة القمر موظفة صوتها في خدمة الخير تلبية لدعوة مؤسسة الطفل والأسرة في اليونان، وحركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من اجل السلام، حيث سيعود ريع الحفل لمساعدة الأطفال ضحايا الحروب في منطقة الشرق الأوسط،
وكانت السيدة ماريانا فاردينوياني رئيسة منظمة الطفل والأسرة ورئيسة جمعية الأمل للأطفال مرضى السرطان قد صرحت لوسائل الإعلام قائلة: "أن السيدة فيروز سبق ورفضت الغناء في أكثر من حفل في دول أخرى، ولكنها لبت دعوة السيدة سوزان مبارك، وأبدت موافقتها على الغناء في اليونان لهذا الهدف النبيل دون تردد".
والجدير بالذكر أن تذاكر الحفل نفذت بالكامل بعد أقل من أسبوع على طرحها للبيع في 16 يونيو الماضي، وتوجهت شخصيات دولية معروفة على المستويين العربي واليوناني، لحضور الحفل.
رافق السيدة فيروز في رحلتها فريق عمل مكون من خمسين عازفا ومنشدا وتقنيا، بقيادة المايسترو الارمني كارن دورجريان، ووصلت الى اليونان في الثالث من الشهر الجاري لإجراء البروفات مع فرقتها الموسيقية إستعداداً للحفل.
إفتتحت "جارة القمر" السهرة باغنية "ع هدير البوسطة" ، وعلى أنغام موسيقى موزارت الكلاسيكية أنشدت "يا أنا يا أنا أنا وياك"، واتبعتها برائعتها "أعطني الناي وغني"، "حبيبتك بالصيف حبيتك بالشتي"، "إحكيلي"، "يا ريت"، وغيرها الكثير من قديمها مع الاخوين رحباني، وجديدها مع نجلها زياد، الذي كان مشغولا معها في الاسابيع الاخيرة، بالتمارين مع الموسيقيين، وبتسجيل أسطوانتها الجديدة التي ينتظرها عشقاها منذ زمن طويل.
شدت فيروز "السيدة ذات الصوت الملائكي الرخيم" فحلق الحضور في عالم آخر، وانفصلوا عن واقعهم الدنيوي، ليعيشوا حلماً تمنوا أن لا يفيقوا منه، كانت حالة أقرب للخشوع، لصلاة من نوع خاص.
النشوة تتزايد مع كل أغنية، ومع إقتراب الحفل من نهايته وبمجرد أن علت المقدمة الموسيقية لأغنية "إمي نامت ع بكير" بات انسجام الحضور على أشده، وكان احضور ينشدها معها.
وعندما إختتمت الحفل بأغنية "سهرتنا ع دراج الورد" فوجئت بالجمهور الحاضر من كل الجنسيات يدبك على أنغامها، وعندما غادرت المسرح أبى الجمهور الا أن تعود، فكان لهم ما أرادوا، فعادت وغنت أغنيتين إضافيتين تحية لهم، وهو مشهد يتكرر في كل حفلاتها، فشدت بـ "شتي يا دني" وأنهت الحلم بأغنية "حنا السكران".
رحلت وتركت الجمهور سكران بصوتها، غابت عن الأنظار لكن ذكراها ستبقى محفورة في وجدان كل من كان هناك، وتعمد بصوتها.